طريقٌ طويلة، وأغانٍ وموسيقى تتقافز على أذني، هو كل ما أحتاجه للدخول في دوَّامة من التفكير. الآن، إليكم ما أُفكِّر به:
لو أنَّ الحياة كانت كطريقِ السَّفر هذا، فإن المحطات التي تتوقَّف عندها للاستراحة من وعثاءه ولتعبئة الوقود والإستزاد بالطعام ما هيَ سوى الأشخاص والتجارُب التي تمرُّ بها خلال حياتك.
هناكَ تجارُب ستزوِّدك بالقوَّة، واستراحاتٌ تهرب منها لسوء الخدمات فيها، هناك أشخاصٌ سيملئون لكَ الخزَّان، أشخاصٌ ستلتقي بهم يعبِّئون قلبَك بالحُب، وآخرون يسافرون معك إلى المحطَّة التالية ويتوقفون، وآخرونَ تعطَّلت بهم مراكِبهم يحتاجون المساعدة من أيِّ أحد وللصدفة أنتَ كنت الذي يعبُر الطريق في هذا الوقت. ستُقلُّ أشخاصًا وتنزِل آخرين، لكن في النهاية سيبقَى معكَ شخصٌ أو اثنين يسافرون معك حتى نهاية طريقك.
أشخاصٌ يشحنونَ روحَك بالعبث، وآخرون يُعبِّئونها بالعشق، ويعبِّئونَ قلبك باللهفة والحنين، أشخاص ستُدرِك معنى لطريقك من خلالهم، أشخاصّ يزوِّدونك بالوقود الكافي لإكمال الطريق حتَّى لا تود بعد الآن التوقُّف في المحطَّات.
ما أودُّ قولَه حقاً أنَّ الأساس في هذه الحياة هو الفقد، مهما طالَت مُدَّة الرحلة، مهما شعرت بالأبدية معهم، ففي النهاية سيكون هناك فقد. طالما تنفَّست أول مرة وقد خرجت من بطن أمك فهذا يعني أنك كتبتَ على نفسك الفناء. لذا اعتيادُ الفقد سمةٌ مميَّزة في هذا الطريق.
قد جادَ الزَّمان عليَّ بأشخاصٍ ركبوا معي آلاف الدقائق من طريقي، ولكنَّي وصلتُ لمفتَرق الطرق معهم. وقد جادَ الزَّمان عليَّ أكثر حينَ عرَّفني على شخصٍ جاوَزَني ذكرى أولئك العابرين (ليسَ نسيان، بل تجاوز). شخصٌ قام بتعبئة روحي، وقلبي، وعقلي عن أكمَله. شخصٌ قام بتعبئة حياتي عموماً. شخصٌ أود حقاً أن لا أفقده إلا عند نهاية طريقي .. نهاية الحياة.