مجموعة من الأشخاص وسط احتفال ليلي يظهرون من الخلف، يحملون هواتف وكاميرات يصوّرون شيئاً ما

تصاوير

دائماً في لحظات السعادة توهِمنا عقولنا زوراً وبهتاناً أننا نملك الأبديَّة، نحن نحاول الوصول والبقاء متناسين بذلك العثرات التي نواجهها في حياتنا، ونسعَد وكأننا ما جرَّبنا الحزن قط، ونُخطِّط كأننا لن نغيبَ أبداً .. حيثُ لم يكُن الغياب ضمنَ الخطَّة إطلاقاً.

لم لا نقدِر على تجميد الزَّمن في لحظاتٍ كُنَّا فيها سُعداء؟ أليسَت هيَ الجنَّة التي نبغيها نحن سُكَّان الأرض؟ إذا لم تكُن الجنَّة هي العيشُ في أبديَّة مع من نُحب، فما غرضها إذاً؟

لطالما كرهتُ التصوير، وأرى الأمر مُبتذلاً حقاً وأنا أشاهد الجموع رافعين أيديهم ينظرون إلى شاشاتهم المصمتة عوضاً عن الاستمتاع الكامل بما يُشاهدونه. لكن هذا الأمر تغيَّر مع الوقت بعد أن فقدتُ الكثير من الأحباب.

باتت اليوم هواتفنا جزءٌ من تاريخنا وسجلَّاتنا الشخصية، تلك الصوَّر التي صوَّرناها بعفويَّة، الفيديوهات العائلية الطبيعية، تسجيلات والدك الصوتيَّة، طلبات أُمِّك للمنزل، دعوات العشاء، رسائل النجاح والزواج والأعياد والعزاء، نقاشاتكم العقيمة التي لا يُعتدى بها، عيون حبيبتك وضحكتها واختلاف رسائلكم بعد الزواج وبعد الإنجاب، مشاكلكم العائلية، نكاتكم السَمِجة، مزاحكم الثقيل، وسخريتكم من الحياة .. تلك البيانات هيَ جنَّتك الصغيرة التي استَطعت تمجيد اللحظة فيها، تلك البيانات هي التي ستمنح لقلبك الدفئ في الليالي التي تكون فيها وحيداً.

اشتراك
إشعار إلى
guest
0 Comments
الأقدم
الأحدث الأعلى تصويتاً
تعليقات مضمنة
رؤية جميع التعليقات

تواصل معي

لأن كل مشروع عظيم يبدأ برسالة، أرسلها الآن، وسأقوم بالرد عليك بأسرع وقت.